lundi 6 septembre 2010

مآذن صامتة إلى حين




تصاعد مؤخرا الجدل حول المآذن في القارة العجوز، وراح الكل يدلو بدوله، وكان العموم من هؤلاء من يندب ويلطم، ورحنا نسمع الاستنكار والشجب، لا من أنظمة وحكومات قدر الله، بل من فرادى وتجمعات، فأصبح التنديد و النحيب كالمضادات الحيوية، أكثرنا من استعمالها ففقدت مفعولها في جسم متهالك.


  ورحت ابحث عن تشخيص صحيح في وسط الغبار المتصاعد بين الأرجل، قد يقتادني إلى بذور المشكل نائيا بنفسي عن عواطف التهمت الصورة.
إن ما حدث في سويسرا مؤخرا من استفتاء على السماح للمسلمين ببناء مآذن، لا يندرج في إطار نظرية المؤامرة، تلك المنشفة المتسخة، بل انه لَفتُ نظر لباقي دول أوروبا لما بات يعرف بالقنبلة الإسلامية.
عندما نقرأ في صحيفة "الديلي تيليغراف" البريطانية مقالا بعنوان ((مسلمو أوروبا: قنبلة ديموغرافية موقوتة))¹ بتاريخ أوت الماضي، سنعلم بأن سويسرا أول من فهم الدرس بل أول من تحرك في الاتجاه المطلوب. وعندما نعلم بأن أكثر 7 أسماء مواليد شيوعا في بلجيكا هي: محمد ، آدم ، رايان ، أيوب ، مهدي ، أمين ، حمزة، ناهيك عن أن المسلمين سيصبحون أغلبية في عاصمة الإتحاد الأوروبي خلال 20 سنة قادمة² ، وعلى ذكر الأسماء فإن اسم محمد هو الأكثر شيوعا بين المواليد الجدد في أكبر أربع مدن في هولندا، طبقا لنفس المصدر³ ولا أريد أن اغرق القارئ الفاضل بإحصائيات قد تحيد بنا عن الموضوع ، وأترك له متعه مشاهدتها على صفحات العنكبوتية.
وما أريد قوله، هو أن خوف البلدان الأوروبية من الإسلام مبرر، فأصوات الآذان في بلدان القارة العجوز ستصدع رؤوسا يوما ما وهو ما فهمه السويسريون جيدا،فأوروبا تشاهد الإسلام يكبر يوما بعد يوم في رحمها، و تحركها في هذا الاتجاه مما تستدعيه مصلحتها ، ولست أبرر أو أجوّز لهم ذلك، ولكنني أعلم أن الجهد الباقي هو على رقابنا، نحن من نملك بناء مآذن لمساجد عملاقة تخرّج لنا أقزاما.

ولست أطلب أن تقطع علاقات أو تهدد مصالح، كما فعل ملك ملوك إفريقيا المبجل، عندما هدد باستعمال سلاح النفط للتغطية على حماقات مراهق، إنما مبلغ طمعي أن يتوجه أولي أمر المسلمين برسالة أو رسائل، تعلن وبصبغتها الرسمية عن رفضها لمثل هذا التعدي السافر على الحريات الدينية التي طالما ابتزونا بها، ولنذكرهم ولو باستحياء، بأنه حتى أنظمتنا البوليسية لم تحرم مسيحي الشرق من حق ديني واحد، وتحذر أيضا هذه الدولة من مغبة اتخاذ مثل هذه القرارات المرتجلة المتسرعة على مصالحها مع دول ومنظمات، تعني الكثير لدويلة مثل سويسرا ليس أولها النفط .
على النقيض يبدو أن دول أوروبا لم تفهم الدرس جيدا مثل نظيرتها الولايات المتحدة الأمريكية، التي خلصت إلى أن القضاء على ما يسمى بالإرهاب يبدأ بخطوات أمريكية مدروسة تنهي حمله عداء كبيرة لها في العالم الإسلامي ولعل أكبر دليل خطابات وزيارات هنا وهناك للرئيس أوباما فور وصوله لسدة الحكم.
ليس المطلوب إذا الدعوة إلى قمة عربية طارئة أو أخرى عاجلة لمنظمة المؤتمر الإسلامي، بل المطلوب مواقف شبه رسمية على الأقل، تثبت للآخر على الأقل أننا لم نطرد أبنائنا، بل إنهم طالبوا علم أو قوت وسيعودون، ولكننا للأسف ما نفتئ التأكيد على أن أنظمتنا فعلا هي من طردت هؤلاء وتخلت عنهم. إلى متى نظل نحن معشر المسلمين نطعن أخواننا في المهجر في ظهورهم، فبعد تخلينا عن المحجبات ثم المنقبات وصولا الى المآذن لاندري ماذا قد يسلب منهم في القرار القادم، لذا فالأمر أخطر مما يمكن السكوت عنه ولنثبت لهم على الأقل يوما قاعدة الجسد الواحد. بقي أن أشير إلى المساكين أصحاب التوجه العلماني في ظل الأرقام التي ذكرتها وأقول لهم: أينما تولّوا وجوهكم...


----------------------------------------------------------------------------------

1- Daily Telegraph: Muslim Europe: the demographic time bomb, By Adrian Michaels 08 Aug 2009
2- Le Figaro : L'islam, première religion à Bruxelles dans vingt ans, De Stéphane Kovacs 21/03/2008
3- Daily Telegraph: Mohammed is most popular boy's name in four biggest Dutch cities, By Bruno Waterfield 13 Aug 2009

حرر بتاريخ 17 ديسمبر 2009

1 commentaire:

  1. هي من مجموعة مقالات قديمة كتبتها في حينها وعثرت عليه اليوم مصادفة في بعض الملفات المنسية فارتأيت نشرها هنا لمن يهمه الأمر...

    RépondreSupprimer